الله ستره لأن الله تبارك وتعالى يقول : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ
______________________________________________________
مسير أبي ذر (ره) الفاعل بعمار ما فعل ، وبعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى المؤوي لطريد رسول الله ، لكنكم صرتم بعده الأمراء وتابعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء ، قال : فحملناه فأتينا به قبر أمه فاطمة عليهاالسلام فدفناه إلى جنبها رضياللهعنه وأرضاه.
قال ابن عباس : وكنت أول من انصرف فسمعت اللفظ وخفت أن يعجل الحسين على من قد أقبل ، ورأيت شخصا علمت الشر فيه فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل (١) تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلما رأتني قالت : إلى إلى يا ابن عباس لقد اجترأتم علي في الدنيا ، تؤذونني مرة بعد أخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب ، فقلت : وا سوءتا! يوم على بغل ويوم على جمل ، تريدين أن تطفئ نور الله وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه؟ ارجعي فقد كفى الله عز وجل المؤنة ودفن الحسن عليهالسلام إلى جنب أمه ، فلم يزدد من الله تعالى إلا قربا وما ازددتم منه والله إلا بعدا ، يا سوءتاه انصرفي فقد رأيت ما سرك! قال : فقطبت في وجهي (٢) ونادت بأعلى صوتها : أما نسيتم الجمل يا ابن عباس إنكم لذوو أحقاد ، فقلت : أم والله ما نسيت أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض؟ فانصرفت وهي تقول :
فألقت عصاها واستقر بها النوى |
|
كما قر عينا بالأياب المسافر (٣) |
أقول : وقد أوردت أمثاله في كتاب بحار الأنوار فهذه الأخبار تدل على أن في هذه الكلمات مصلحة وتورية بأن يكون المراد بهتك الستر المحاربة التي كانت
__________________
(١) أي بغل شدّ عليه الرحل.
(٢) قطب : زوّى ما بين عينيه وكلح ، والقطب ما يقال بالفارسية « أخم ».
(٣) قال ابن منظور : وألقى المسافر عصاه إذا بلغ موضعه وأقام ، لأنّه إذا بلغ ذلك ألقى عصاه فخيّم أو أقام وترك السفر ، ثمّ قال :
قال معقر بن حمار البارقي يصف امرأة كانت لا تستقرّ على زوج ، كلّما تزوجت رجلا فارقته واستبدلت آخر به ، وقال ابن سيدة : كلّما تزوّجها رجل لم تواته ولم تكشف عن رأسها ولم تلق خمارها ، كان ذلك علامة إبائها وأنّها لا تريد الزوج ثم تزوّجها رجل فرضيت به