وقال الله تعالى في قصة المختارين من قوم موسى لميقات ربه « ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون » (١) ذلك. لما سمعوا كلام الله قالوا لا نصدق « حتى نرى الله جهرة » « فأخذتهم الصاعقة » (٢) بظلمهم فماتوا فقال موسى عليهالسلام يا رب ما أقول ببني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله له ، فرجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء ، وولد لهم الاولاد ثم ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزوجل لعيسى عليهالسلام « وإذ تحيي الموتى باذني » (٣) وجميع الموتى الذين أحياهم عيسى عليهالسلام بإذن الله ، رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم.
وأصحاب الكهف « لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا » (٤) ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليسألوا بينهم وقصتهم معروفة.
فان قال قائل : إن الله عزوجل قال « وتحسبهم أيقاظا وهم رقود » قيل له : فانهم كانوا موتى وقد قال الله عزوجل « قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون » (٥) وإن قالوا كذلك فانهم كانوا موتى ومثل هذا كثير.
إن الرجعة كانت في الامم السالفة ، وقال النبي صلىاللهعليهوآله : يكون في هذه الامة مثل ما يكون في الامم السالفة حذوالنعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، فيجب على هذا الاصل أن يكون في هذه الامة رجعة.
____________________
(١) البقرة : ٥٦.
(٢) مأخوذ من قوله تعالى في سورة البقرة : ٥٥ والنساء : ١٥٣.
(٣) اشارة إلى قوله تعالى « واذ تخرج الموتى باذني » في المائدة : ١١٠.
(٤) الكهف : ٢٥.
(٥) يس : ٥٢ ، ومراده أن لفظ الرقود لا يختص بالنوم ، بل هو عام يشمل الموت كما في هذه الاية.