بحيث ذهل عن انتقال القافلة ، فوجدها قد ارتحلت ، ولم يبق منها أحد فبقي متحيرا في أمره مفكرا في اللحاق مع عجزه عن المشي وأخذ اسبابه ومخافته وأخذ يمشي على أثرها وحده فمشى حتى أعياه التعب ، فلم يلحقها ، ولم يرها من البعد ، فبينما هو في هذا المضيق إذ أقبل عليه رجل لاحق به وهو راكب بغلا ، فلما وصل إليه قال له : اركب خلفي فردفه ومضى كالبرق ، فما كان إلا قليلا حتى لحق به القافلة وأنزله وقال له : اذهب إلى رفقتك ، ودخل هو في القافلة قال : فتحريته مدة الطريق أني أراه ثانيا فما رأيته اصلا ولا قبل ذلك.
الحكاية الخمسون
قال الشيخ الاجل الاكمل الشيخ علي ابن العالم النحرير الشيخ محمد ابن المحقق المدقق الشيخ حسن ابن العالم الرباني الشهيد الثاني في الدر المنثور في ضمن أحوال والده الامجد وكان مجاورا بمكة حيا وميتا أخبرتني زوجته بنت السيد محمد بن أبي الحسن رحمهالله وأم ولده أنه لما توفي كن يسمعن عنده تلاوة القرآن ، طول تلك الليلة.
ومما هو مشهور أنه كان طائفا فجاءه رجل بورد من ورد شتاء ليست في تلك البلاد ، ولا في ذلك الاوان ، فقال له : من أين أتيت؟ فقال : من هذه الخرابات ثم أراد أن يراه بعد ذلك السؤال فلم يره.
قلت : ونقل نظيره في البحار (١) عن شيخه واستاذه السيد المؤيد الامجد الآميرزا محمد الاسترابادي صاحب الكتب في الرجال وآيات الاحكام وغيرها ويحتمل الاتحاد وكون الوهم من الراوي لاتحاد الاسم والمكان والعمل ، والله العالم ، وهذا المقام من الشيخ المزبور غير بعيد فقد رأينا في ظهر نسخة من شرحه على الاستبصار وكانت من متملكاته ، وكان في مواضع منها خطه وفي ظهره خط ولده المذكور ما صورته : انتقل مصنف هذا الكتاب وهوالشيخ السعيد الحميد بقية
____________________
(١) راجع ج ٥٢ ص ١٧٦.