الحكاية السادسة والاربعون
قال أيده الله : وحدثني الوالد اعلى الله مقامه قال : خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلة أريد زيارة الحسين عليهالسلام ليلة النصف منه ، فلما وصلت إلى شط الهندية ، وعبرت إلى الجانب الغربي منه ، وجدت الزوار الذاهبين من الحلة وأطرافها ، والواردين من النجف ونواحيه ، جميعا محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشائر الهندية ، ولا طريق لهم إلى كربلاء لان عشيرة عنزة قد نزلوا على الطريق ، وقطعوه عن المارة ، ولا يدعون أحدا يخرج من كربلا ولا أحدا يلج إلا انتهبوه.
قال : فنزلت على رجل من العرب وصليت صلاة الظهر والعصر ، وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوار ، وقد تغيمت السماء ومطرت مطرا يسيرا.
فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلا ، فقلت لبعض من معي : اخرج واسال ما الخبر؟ فخرج ورجع إلي وقال لي : إن عشيرة بني طرف قد خرجوا بالاسلحة النارية ، وتجمعوا لايصال الزوار إلى كربلا ، ولو آل الامر إلى المحاربة مع عنزة.
فلما سمعت قلت لمن معي : هذا الكلام لا أصل له ، لان بني طرف لاقابلية لهم على مقابلة عنزة في البر ، واظن هذه مكيدة منهم لاخراج الزوار عن بيوتهم لانهم استثقلوا بقاءهم عندهم ، وفي ضيافتهم.
فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوار إلى البيوت ، فتبين الحال كما قلت فلم تدخل الزوار إلى البيوت وجلسوا في ظلالها والسماء متغيمة ، فأخذتني لهم رقة شديدة ، وأصابني انكسار عظيم ، وتوجهت إلى الله بالدعاء والتوسل بالنبي وآله ، وطلبت إغاثة الزوار مما هم فيه.
فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع (١) كريم لم أر مثله
____________________
(١) يعنى أنه داخل في السنة الخامسة ، يقال : اربع الغنم : دخلت في السنة الرابعة والبقر وذوات الحافر : دخلت في السنة الخامسة ، وذوات الخف دخلت في السابعة.