مقدار فرسخ أو أزيد ، بحيث لا يراه أحد ثم يضع عريضته في بندقة من الطين ويودعها أحد نوابه سلام الله عليه ، ويرميها في الماء للى أن مضى عليه ثمانية أو تسعة وثلاثون يوما.
فلما فعل ما يفعله كل يوم ورجع قال : كنت في غاية الملالة وضيق الخلق وأمشي مطرقا رأسي ، فالتفت فاذا أنا برجل كأنه لحق بي من ورائي وكان في زي العرب ، فسلم علي فرددت عليهالسلام بأقل ما يرد ، وما التفت إليه لضيق خلقي فسايرني مقدارا وأنا على حالي ، فقال بلهجة أهل قريتي : سيد محمد ما حاجتك؟ يمضي عليك ثمانية أو تسعة وثلاثون يوما تخرج قبل طلوع الشمس إلى المكان الفلاني وترمي العريضة في الماء تظن أن إمامك ليس مطلعا على حاجتك؟.
قال : فتعجبت من ذلك لاني لم اطلع أحدا على شغلي ، ولا أحد رآني ، ولا أحد من أهل جبل عامل في المشهد الشريف لم أعرفه ، خصوصا أنه لابس الكفية والعقال وليس مرسوما في بلادنا ، فخطر في خاطري وصولي إلى المطلب الاقصى ، وفوزي بالنعمة العظمى ، وأنه الحجة على البرايا ، إمام العصر عجل الله تعالى فرجه.
وكنت سمعت قديما أن يده المباركة في النعومة بحيث لا يبلغها يد أحد من الناس ، فقلت في نفسي : أصافحه فان كان يده كما سمعت اصنع ما يحق بحضرته فمددت يدي وأنا على حالي لمصافحته ، فمد يده المباركة فصافحته ، فاذا يده كما سمعت ، فتيقنت الفوز والفلاح ، فرفعت رأسي ، ووجهت له وجهي ، وأردت تقبيل يده المباركة ، فلم أر أحدا.
قلت : ووالده السيد عباس حي إلى حال التأليف ، وهو من بني أعمام العالم الحبر الجليل ، والسيد المؤيد النبيل ، وحيد عصره ، وناموس دهره السيد صدرالدين العاملي المتوطن في إصبهان تلميذ العلامة الطباطبائي بحر العلوم أعلى الله مقامهما.
الحكاية الحادية والعشرون
وحدث السيد الصالح المتقدم ذكره ، قدس الله روحه : قال وردت المشهد المقدس الرضوي عليه الصلاة والسلام للزيارة ، وأقمت فيه مدة ، وكنت في ضنك