الحكاية الحادية عشرة
وبهذا السند عن المولى المذكور قال : صلينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين عليهماالسلام فلما أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة ، عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام.
ولما فرغنا تعجبنا كلنا ، ولم نفهم ما كان وجهه ، ولم يجترء أحد منا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل ، وأحضرت المائدة ، فأشار إلي بعض السادة من اصحابنا أن أسأله منه ، فقلت : لا وأنت أقرب منا فالتفت رحمهالله إلي وقال : فيم تقاولون؟ قلت وكنت أجسر الناس عليه : إنهم يريدون الكشف عما عرض لكم في حال الصلاة ، فقال : إن الحجة عجل الله تعالى فرجه ، دخل الروضة للسلام علي أبيه عليهالسلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الانور إلى أن خرج منها.
الحكاية الثانية عشرة
بهذا السند عن ناظر أموره في أيام مجاورته بمكة قال : كان رحمهالله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الاهل والاخوة ، قوي القلب في البذل والعطاء ، غير مكترث بكثرة المصارف ، فاتفق في بعض الايام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال ، وكثرة المؤنة ، وانعدام المال ، فلم يقل شيئا وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار ، فيجلس في القبة المختصة به ، ونأتي إليه بغليان فيشربه ، ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته ، من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه.
فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة ، وأحضرت الغليان على العادة ، فاذا بالباب يدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب ، وقال لي : خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان ، وقام مسرعا خارجا عن الوقار والسكينة والآداب ، ففتح الباب ودخل شخص جليل في هيئة الاعراب ، وجلس في تلك القبة