حتى أتى على القصيدة والمنصور مسرور ، فقال سوار : إن هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه ، والله إن القوم الذين يدين بحبهم لغيركم ، وإنه لينطوي على عداوتكم ، فقال السيد : والله إنه لكاذب ، وإنني في مدحتك لصادق ، وإنه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال ، وإن انقطاعي إليكم ومودتي لكم أهل البيت لمعرق فينا من أبوي ، وإن هذا وقومه لاعداؤكم في الجاهلية والاسلام ، وقد أنزل الله عزوجل على نبيه صلىاللهعليهوآله في أهل بيت هذا : « إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون » (١).
فقال المنصور : صدقت فقال سوار : يا أمير المؤمنين إنه يقول بالرجعة ، ويتناول الشيخين بالسب والوقيعة فيهما ، فقال السيد : أما قوله إني أقول بالرجعة ، فاني اقول بذلك على ما قال الله تعالى « ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون » (٢) وقد قال في موضع آخر « وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا » (٣) فعلمنا أن ههنا حشرين أحدهما عام والآخر خاص ، وقال سبحانه « ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل » (٤) وقال تعالى « فأماته الله مائة عام ثم بعثه » (٥) وقال تعالى « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم » (٦) فهذا كتاب الله.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يحشر المتكبرون في صورة الذر يوم القيامة وقال صلىاللهعليهوآله : لم يجر في بني إسرائيل شئ إلا ويكون في أمتي مثله ، حتى الخسف والمسخ والقذف ، وقال حذيفة : والله ما أبعد أن يمسخ الله عزوجل كثيرا من هذه الامة قردة وخنازير.
فالرجعة التي أذهب إليها ما نطق به القرآن ، وجاءت به السنة ، وإني
____________________
(١) الحجرات : ٤. (٢) النمل : ٨٣.
(٣) الكهف : ٤٧. (٤) غافر ١١.
(٥) البقرة : ٢٥٩. (٦) البقرة : ٢٤٣.