ولو كان معه غيره لأضافه الله عز وجل إليه حيث يقول « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » (١) فغبر بذلك ما شاء الله ثم إن الله آنسه بإسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة أما والله إن المؤمن لقليل وإن أهل الكفر لكثير
______________________________________________________
لقد كانت الدنيا وما فيها ، الواو للحال وما نافية « ولو كان معه غيره » أي من أهل الإيمان « لإضافة الله عز وجل إليه » لأن الغرض ذكر أهل الإيمان التاركين للشرك ، حيث قال : « وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » فلو كان معه غيره من المؤمنين لذكره معه « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً » قال في مجمع البيان : اختلف في معناه فقيل : قدوة ومعلما للخير قال ابن الأعرابي : يقال للرجل العالم أمة ، وقيل : أراد إمام هدى ، وقيل : سماه أمة لأن قوام الأمة كان فيه ، وقيل : لأنه قام بعمل أمة ، وقيل : لأنه انفرد في دهره بالتوحيد ، فكان مؤمنا وحده والناس كفار « قانِتاً لِلَّهِ » أي مطيعا له دائما على عبادته ، وقيل : مصليا « حَنِيفاً » أي مستقيما على الطاعة وطريق الحق وهو الإسلام « وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » بل كان موحدا ، انتهى.
وقيل : يحتمل أن يكون من للابتداء أي لم يكن في آبائه مشرك وهو بعيد ، وفي النهاية في حديث قس : أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده : الأمة الرجل المتفرد بدين كقوله تعالى « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ » انتهى.
وأقول : كان هذا كان بعد وفاة لوط عليهالسلام أو أنه لما لم يكن معه وكان مبعوثا على قوم آخرين لم يكن ممن يؤنسه ويقويه على أمره في قومه.
« فغبر بذلك » في أكثر النسخ بالغين المعجمة والباء الموحدة أي مكث أو مضى وذهب كما في القاموس ، فعلى الأول فيه ضمير مستتر راجع إلى إبراهيم ، وعلى الثاني فاعله ما شاء الله ، وفي بعض النسخ فصبر فهو موافق للأول ، وفي بعضها بالعين المهملة فهو موافق للثاني « وإن أهل الكفر كثير » المراد بالكفر هنا مقابل
__________________
(١) سورة النحل : ١٢٠.