يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل قال قلت له
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : إني عليك شفيق ، أي خائف أي إن لا تعمل أو متعطف محب من أشفقت على الصغير أي حنوت وعطفت ، ولذا لا أذكرها لك لأني أخاف أن تضيع ولا تعتني بشأنه ولا تحفظه وتنساه ، أو لا ترويه أو لا تعمل به ، فالفقرة الآتية مؤكدة.
وعلى التقادير يدل على أن الجاهل معذور ، ولا ريب فيه إن لم يكن له طريق إلى العلم ، لكن يشكل توجيه عدم ذكره عليهالسلام ذلك وإبطائه فيه للخوف من عدم عمله به ، وتجويز مثل ذلك مشكل وإن ورد مثله في بيان وجوب الغسل على النساء في احتلامهن ، حيث ورد النهي عن تعليمهن هذا الحكم لئلا يتخذنه علة مع أن ظاهر أكثر الآيات والأخبار وجوب التعليم والهداية وإرشاد الضال لا سيما بالنسبة إليهم عليهمالسلام ، مع عدم خوف وتقية ، كما هو ظاهر هذا المقام ، وقد قال تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ » (١) وأمثالها كثيرة.
ويمكن الجواب عنه بوجهين « الأول » أن الظاهر أن غرضه عليهالسلام من هذا الامتناع لم يكن ترك ذكره والإعراض عنه ، بل كان الغرض تشويق المخاطب إلى استماعه وتفخيم الأمر عليه ، وأنه أمر شديد أخاف أن لا تعمل به ، فتستحق العقاب ولم يصرح عليهالسلام بأني لا أذكره لك لذلك ، ولا أنك مع عدم العلم معذور ، بل إنما أكد الأمر الذي أراد بقائه عليه بتأكيدات لتكون ادعى له على العمل به ، كما إذا أراد الأمير أن يأخذ بعض عبيده وخدمه بأمر صعب فيقول قبل أن يأمره به : أريد أن أولئك أمرا صعبا عظيما وأخاف أن لا تعمل به لصعوبته ، وليس غرضه الامتناع عن الذكر بل التأكيد في الفعل.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٥٩.