رجل عرفه الله هذا الأمر لو كان في رأس جبل حتى يأتيه الموت يا فضيل بن يسار إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنا وشيعتنا هدينا « الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ » يا فضيل بن يسار إن المؤمن لو أصبح له ما بين المشرق والمغرب كان ذلك خيرا له ولو أصبح مقطعا أعضاؤه كان ذلك خيرا له يا فضيل بن يسار إن الله لا يفعل بالمؤمن إلا ما هو خير له يا فضيل بن يسار لو عدلت الدنيا عند الله عز وجل جناح بعوضة ما سقى
______________________________________________________
من أعضائه إلا في رأسه ، والأول أظهر.
« كثيرا ما أقول » ما زائدة للإبهام وما في قوله : « ما على رجل » نافية أو استفهامية للإنكار ، وحاصلهما واحد ، أي لا ضرر أو لا وحشة عليه « أخذوا يمينا وشمالا » أي عدلوا عن الصراط المستقيم إلى أحد جانبيه ، من الإفراط كالخوارج أو التفريط كالمخالفين « له ما بين المشرق » أي والحال أن له ما بينهما أو أصبح بمعنى صار « مقطعا » على بناء المفعول للتكثير « أعضاؤه » بدل اشتمال من الضمير المستتر في مقطعا ، ومنهم من قرأ أعضاء بالنصب على التميز ، وقوله عليهالسلام : إن الله لا يفعل بالمؤمن ، تعليل لهاتين الجملتين ، فإنه تعالى لو أعطى جميع الدنيا المؤمن لم يكن ذلك على سبيل الاستدراج ، بل لأنه علم أنه يشكره ويصرفه في مصارف الخير ، ولا يصير ذلك سببا لنقص قدره عند الله ، كما فعل بسليمان عليهالسلام بخلاف ما إذا فعل ذلك بغير المؤمن ، فإنه لإتمام الحجة عليه واستدراجه ، فيصير سببا لشدة عذابه ، وكذا إذا قدر للمؤمن تقطيع أعضائه فإنما هو لمزيد قربه عنده تعالى ، ورفعة درجاته في الآخرة ، فينبغي أن يشكره سبحانه في الحالتين ، ويرضى بقضائه فيهما ، ولما كان الغالب في الدنيا فقر المؤمنين وابتلائهم بأنواع البلاء ، وغنى الكفار والأشرار والجهال رغب الأولين بالصبر وحذر الآخرين عن الاغترار بالدنيا والفخر بقوله عليهالسلام : « لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة » عند الناس « ما سقى عدوه منها شربة ماء » فما أعطاه أعداءه ليس لكرامتهم عنده بل لهوانهم عليه ، ولذا لم