واعلم انّ صلاة الليل سنّة وطريقة الأنبياء وأولياء الله ، وتشتمل على فضائل لا نهاية لها ، وبما انّ الانسان حين المناجات مع قاضي الحاجات في النهار يكون مشغول البال للمشاغل الدنيوية ، ولا يحصل عنده حضور القلب ، وبما انّ الناس يطّلعون على أحواله فيصعب عليه الاخلاص.
لكنه بعد نومه في أول الليل وقيامه في آخره تكون نفسه خالية من التخيلات والوساوس ، ويسهل عليه حضور القلب ، ويكون العمل أقرب للاخلاص لعدم اطلاع أحد عليه ، كما يقول الله تعالى :
( اِنّ نَاشِئَةَ الَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطئَاً وَأَقوَمُ قِيلاً ) (١).
وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام في تفسير هذه الآية انّه قال : يعني بقوله : « وأقوم قيلاً » قيام الرجال عن فراشه بين يدي الله عزّوجلّ لا يريد به غيره (٢).
مع انّ لله على عباده في ظلام ذلك الليل أنوار وفيوضات ورحمات يجد لذتها المتعبدون.
وروي بأسانيد كثيرة عن النبي والأئمة عليهمالسلام انّ شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزّه كفّ الأذى عن الناس (٣).
وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام انّه قال : عليكم بصلاة الليل فانّها سنّة نبيكم ، ودأب الصالحين قبلكم ، ومطردة الداء عن أجسادكم.
وقال أبو عبدالله عليهالسلام : صلاة الليل تبيّض الوجه ، وصلاة الليل تطيّب
__________________
١ ـ المزمل : ٦.
٢ ـ البحار ٨٧ : ١٤٨ ضمن حديث ٢٢ باب ٧٥.
٣ ـ البحار ٨٧ : ١٤١ ح ١٠ و١١ باب ٧٥ ـ عن الخصال.