أنتم؟ قالوا : شيعتك يا أمير المؤمنين ، فتفرّس في وجوههم ثم قال : فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟ قالوا : وما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين؟
فقال : صفر الوجوه من السهر ، عمش العيون من البكاء ، حدب الظهور من القيام ، خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء ، عليهم غبرة الخاشعين (١).
وقال أبو عبدالله عليهالسلام : لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون كامل العقل ، ولا يكون كامل العقل حتى تكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشرّ منه مأمون ، يستقلّ كثير الخير من نفسه ، ويستكثر قليل الخير من غيره ، ويستكثر قليل الشر من نفسه ، ويستقلّ كثير الشر من غيره.
ولا يتبرّم بطلب الحوائج قبله ، ولا يسأم من طلب العلم عمره ، الذلّ أحبّ اليه من العزّ ، والفقر أحبّ إليه من الغنى ، حسبه من الدنيا قوت ، والعاشرة وما العاشرة لا يلقى أحداً الاّ قال : هو خير منّي وأتقى.
انّما الناس رجلان : رجل خير منه وأتقى ، وآخر شرّ منه وأدنى ، فاذا لقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به ، وإذا لقي الذي هو شرّ منه وأدنى قال : لعلّ شرّ هذا ظاهر وخيره باطن ، فاذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه (٢).
وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام انّه قال : لقى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوماً حارثة بن النعمان الأنصاري ، فقال له : كيف أصبحت يا حارثة؟ قال : أصبحت يا رسول الله مؤمناً حقّاً ، قال : انّ لكلّ ايمان حقيقة فما حقيقة ايمانك؟
قال : عزفت نفسي عن الدنيا ، وأسهرت ليلي ، وأظمأت نهاري ، فكأنّي
__________________
١ ـ البحار ٦٨ : ١٥٠ ح ٤ باب ١٩ ـ عن الارشاد.
٢ ـ أمالي الصدوق : ١٥٣ ح ٥ مجلس ٦ ـ عنه البحار ٦٧ : ٢٩٦ ح ٢١ باب ١٤.