ولكن جعله أيضاً فتنة يجلب أنواع القبائح وانّما جعل هذه الجهة فيه ليكون تاركه مأجوراً.
لكن البعض يستفيد منه في غير ما وضع له فيسبب شقائهم ، فكلّما ذمّ المال والغنى فانّما هو لجهة الشر التي فيه حيث يأخذ الناس بها ، وإلاّ فالله تعالى جعل أصله وسيلة للخير ، وكلّما مدح فانّما هو لأجل جهة الصلاح التي فيه.
وكذلك الفقر والاحتياج انّما هما وسيلة لتحصيل السعادة بالصبر على مشاقهما ونيل الثواب العظيم ، والتوجه إلى الله والاستعانة به والقرب منه بسببه ، وبتركه المحرمات لله في عين احتياجه اليهما حتى ينال أعلى درجات الزهد والورع.
لكن قد لا يصبر الانسان على ذلك ويبتلى بسؤال المخلوق وهذا من أقبح النقائص والعيوب ، وقد يرتكب المحرمات ، وقد يسيء الظن بالله تعالى وينسبه إلى الظلم والجور فيكفر لذلك كما جاء في الحديث انّه : كاد الفقر أن يكون كفراً (١).
فعلم انّ أصل الفقر نعمة ورحمة ولكن قد يجعله الانسان باختياره وسيلة الشقاء ، فكلّما ورد المدح انّما هو لجهة الخير ، وكلّما ورد الذمّ فهو لجهة الشر ، وبما انّ الفقر والاحتياج يوجبان اصلاح النفوس اكثر ، وانّ الغنى يورث الطغيان والفساد مدح الفقر أكثر ، وذمّ الغنى أكثر أيضاً ، كما يقول الله تعالى :
( اِنَّ الاِنسَانَ لَيَطغَى * أَن رَّآَهُ استَغنَى ) (٢).
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ٣٠٧ ح ٤ ـ عنه البحار ٧٣ : ٢٤٦ ح ٤ باب ١٣١.
٢ ـ العلق ٦ و٧.