معاً بفضيلة الجماعة ، فإنّ اتيان الصلاة جماعة من سنن سيد المرسلين المؤكّدة ولها فوائد جمّة ، وتكون أقرب للقبول ، وذلك ظاهر لأنّ من ذهب وحده مثلاً إلى ملك من الملوك لا تكون حاجته مقضيّة كما ولو ذهب مع جماعة كثيرة ، ولم يكن من دأب الكبار والعظماء إذا جاءهم جمع أن يقبلوا عمل واحد منهم يدعوا الآخرين محرومين.
وكما انّ الانسان يحتاج في الصلاة أو في أيّ عمل آخر إلى الأُذن والعين واللسان وسائر الأعضاء والجوارح لأنّ كلّ واحد منها يعمل عملاً خاصّاً لا يصدر ذلك العمل من العضو الآخر ، فيحصل الانسان على المطلوب من مجموعها ، فكذلك الأمر في صلاة الجماعة.
لأنّ الانسان الكامل من جميع الوجوه نادر الوجود لذا كان من الأفضل اجتماع ثُلّة من الناس يتصف أحدهم بالعلم والآخر بالزهد أو حضور القلب وغير ذلك ، وجعل عبادتهم وعملهم موحداً جماعياً حيث يكون تام الأجزاء والشرائط ، ومن خواصه القبول والاستجابة في الدعاء والقرب وسائر الفوائد العظيمة.
ولقد علم بالتجربة والاختبار انّ هذا الاجتماع يوجب كسب الكمالات من الآخرين وربط القلوب ، فمن المجرب ان صاحب حضور القلب حين حضوره في صلاة الجماعة فانه يفيض على الآخرين من صفائه ، ومن الفوائد أيضاً رصّ الصفوف امام الشيطان وجنوده فلا يجترؤن على التسلّط عليهم ، كما ورد انّه لا يتجعلوا مجالاً فارغاً في الصفوف فيدخل الشيطان فيها ، وورد أيضاً انّه لا تقفوا خارج الصفوف فإنّ الذئب يفتك بالشاة الخارجة عن الشياة.
انّ فوائد صلاة الجماعة كثيرة ولو ذكرناها لطال بنا الكلام ، ونكتفي هنا بذكر أحاديث في فضل صلاة الجماعة والتعقيب.