[ فالله الله في عاجل البغي ، وآجل وخامة الظلم ، وسوء عاقبة الكبر ، فانّها مصيدة ابليس العظمى ، ومكيدته الكبرى التي تساور قلوب الرجال مساورة السموم القاتلة ، فما تكدي أبداً ، ولا تشوي أحداً ، لا عالماً لعلمه ، ولا مقلاًّ في طِمره (١) ].
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ومجاهدة الصيام في الأيّام المفروضات ، تسكيناً لأطرافهم (٢) ، وتخشيعاً لأبصارهم ، وتذليلاً لنفوسهم ، وتخفيضاً لقلوبهم ، واذهاباً للخيلاء عنهم ، ولما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعاً ، والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغراً ، ولحوق البطون بالمتون من الصيام تذلّلاً مع ما في الزكاة من صرف ثمرات الأرض وغير ذلك إلى أهل المسكنة والفقر.
انظروا إلى ما في هذه الأفعال من قمع نواجم الفخر ، وقدع طوالع الكبر ... (٣).
وبما انّ خطبة القاصعة طويلة جداً ذكرنا هنا حاصل بعض مضامينها لكثرة فوائدها ، ومن أراد الاطلاع على مفاسد الكبر كما هو حقّه لابدّ أن يطالع تمام الخطبة الشريفة (٤).
__________________
١ ـ الطِمر : الثوب الخلق أو الكساء البالي من غير الصوف.
٢ ـ الأطراف : الأيدي والأرجل.
٣ ـ نهج البلاغة خطبة رقم ١٩٢ ( القاصعة ).
٤ ـ أقول : نورد تمام الخطبة هنا لمزيد الفائدة والاطلاع على مفاسد الكبر كما هو حقه :
فقال عليهالسلام : « ... ولقد نظرت فما وجدت أحداً من العالمين يتعصّب لشيء من الأشياء الاّ عن علّة تحتمل تمويه الجهلاء ، أو حجة تليط بعقول السفهاء غيركم ، فانكم تتعصّبون لامر ما يعرف له سبب ولا علّة ، أما ابليس