العمل أثروا الثقافة الإسلامية ، وجعلوا من العربية لغة عظيمة يقبل عليها القاصي والداني ، وزاوجوا بين اللغة والدين ، فإنّهم ينظرون إلى العربية على أنّها لغة القرآن الذي أنزل الله بها كتابه ، وهي لغة الرسول صلىاللهعليهوآله وأنّ دقائق التشريع لا تعرف إلّا من خلالها ، ولذلك برعوا في فنون العربية ، وتشددوا في ذلك ، ولهذا نجد أنّ فقهاء الشيعة يذهبون إلى عدم صحة جواز القراءة في الصلاة والأذان بغير العربية ، في حين يذهب كل من أبي حنيفة بجواز ذلك بصورة مطلقة ، والمالكية والشافعية بجواز ذلك إذا كان المؤذّن أعجمياً ، ويريد أن يؤذّن لنفسه أو لأمثاله من الأعاجم (١).
وفي عقد النكاح ذهبت الحنفية والمالكية وغيرهم بجواز إيقاع العقود بغير العربية مع القدرة عليها ، ويكون العقد صحيحاً ، والشيعة لا يجيزون ذلك (٢). إنّ روّاد الشيعة الأوائل كانوا هم أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ومن أهل الجزيرة والحجاز وتهامة ونجد واليمن وغيرها ، وأنّ هؤلاء كانوا عرب أقحاح ، بل كانوا من فصحاء العرب وشعرائهم وأساطين البيان ، والذين تأثّروا بإمامهم الأوّل صلىاللهعليهوآله وعلي بن أبي طالب عليهالسلام.
أمّا مسألة عروبة الخليفة أو الإمام فذهب كثير من الفقهاء إلى ضرورة عروبة الخليفة أو الإمام ومنهم الشيعة ; لقوله صلىاللهعليهوآله « الأئمة من قريش » والأحناف وغيرهم على عدم اشتراط عروبة الخليفة ، وكذلك المعتزلة.
_______________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة ١ / ٣١٤.
(٢) محمّد أبو زهرة ، الأحوال الشخصية ، ص ٢٧.