يكون إمام مدرسة بغداد ، وقد توفى سنة ٣٧٧ هـ ، وكان معاصراً للمتنبي ، ومصاحباً لسيف الدولة الحمداني ، وكان إمام زمانه في النحو. يقول الحموي : « صنّف كتباً حسنة لم يسبق إلى مثلها ، واشتهر ذكره في الآفاق ، وبرع له غلمان حذاق ، مثل : عثمان بن جني ، وعلي بن عيسى الربعي ، وتقدّم عند عضد الدولة ، فكان يقول : أنا غلام أبي علي النحوي في النحو » (١).
وقد صحب ابن جني كلاً من الشريفين الرضي والمرتضى ، وكان من مشاهير علماء الشيعة البغداديين ومنهم أيضاً يعقوب بن إسحاق السكيت الذي بلغت مصنّفاته في النحو والمعاني والشعر والتفسير ودواوين العرب ، وزاد فيها على كل من تقدّمه ، وكان الخليفة المتوكّل قد اتّخذه مؤدّباً ، فبينما هو مع المتوكّل يوماً جاء المعتز والمؤيد ، فقال المتوكل : يا يعقوب أيّهما أحبّ إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين ؟ فقال له : إنّ قنبر خادم علي أحبّ إليّ منك ومن ابنيك ، فأمر غلمانه الأتراك أن يسلّوا لسانه ، ويدوسوا بطنه ، فمات من ساعتها (٢).
ومجمل القول : إنّ السبق في علم النحو والعروض والصرف والبيان كان للشيعة ، كما يرجع إليهم الفضل في تأسيس مدارس النحو ، وبهذا
_______________
(١) ياقوت الحموي ، معجم الأدباء ، ٧ / ٢٣٤.
(٢) الحموي ، معجم الأدباء ، ٢ / ٣٤٩ ، السيوطي ، بغية الوعاة ، ٢ / ٣٤٩ ، ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٥ / ٤٣٨ ـ ٤٤٣ ، ابن أنجب تاريخ الخلفاء ، ص ٢٨.