وفي عهد الوزير نظام الملك ناصر الأشاعرة عذّب غيرهم وشرّدهم حتّى طغى مذهب الأشاعرة على غيره ، وذاقت المعتزلة الاضطهاد حتّى انمحت آثارهم.
وتطوّر هذا الخلاف إلى ما هو أخطر من هذا ، فقد عمد البعض على أن يقيم هذه الخصومة على أساس من الدين ، لتكون الخصومة مشروعة لا إثم فيها ، ويثاب أصحابها.
وأمّا قضية المذاهب الإسلامية والفرق فيجب أن نتعامل معها من منظور رحب داعين إلى وفاق لا خصام ، وإلى اجتماع والتئام وليس إلى قطيعة وانفصام. وثمة نقطة جوهرية تتصل بمنهج التعامل مع هذه القضية وهي أنّ نقاط الاتفاق أكثر بكثير من نقاط الاختلاف فعلينا جميعاً تقوية نقاط الاتفاق والاشتراك ، والحوار والنقد البنّاء حول نقاط الاختلاف ، وأن لا يتحوّل الاختلاف إلى التفكير.
إنّنا في عصر يتّجه فيه الجميع إلى التكتلات دفاعاً عن المبادئ والمصالح. ونحن أمّة سبّاقة إلى كل خير ، فما بالنا نتأخّر ويتقدّم غيرنا ، وما بالنا نتخاصم ويتصالح غيرنا.
وما يدعونا إلى الدهشة والحزن معاً ، أنّنا سبقنا هؤلاء في محاولة إجراء الحوار والاتحاد منذ قرون عديدة ، ولكن لماذا ماتت محاولاتنا وأنتجت محاولاتهم ؟!