وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة ، ودار بينهم حوار ، فتكلّم العباس : ـ بعد أن سمع منهم ـ فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ الله بعث محمّداً كما زعمت نبياً ، وللمؤمنين ولياً ، فمنّ الله بمقامه بين أظهرنا حتّى اختار له ما عنده ، فخلّى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم ، مصيبين للحق ، لا مائلين عنه بزيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت ، فنحن منهم متقدّمون فيهم ، وإن كان هذا الأمر إنّما يجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا كارهين ، فأمّا ما بذلت لنا فإن يكن حقاً لك ، فلا حاجة لنا فيه ، وإن يكن حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم ، وإن كان حقنا لم نرض عنك فيه ببعض دون بعض ، وأمّا قولك إنّ رسول الله منّا ومنكم ، فإنّه قد كان من شجرة نحن أغصانها ، وأنتم جيرانها (١).
والثابت من التاريخ أنّ علياً والناس قد بايعوا أبا بكر بعد أن رحلت فاطمة حبيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد ساس أبو بكر الناس وفقاً لاتفاق السقيفة ، فلمّا دنا أجله جعل الأمر بعده في عمر بن الخطاب ليفري بالأمّة فرياً عبقرياً ، حتّى طعنه أبو لؤلؤة ، فأوصى بالأمر بعده للستة الذين قبض رسول الله وهو راض عنهم ، كما يقال !
_______________
(١) ابن قتيبة ، مرجع سابق ١ : ٢١.