إنّ اللغة تمثّل للإنسان أهم شيء ، فهي الهواء الذي يتنفّسه وهي الوسيلة لإدراك الواقع وتحديد المسافات والحدود بين تعاملاتنا ، بل هي التي تشكّل الحياة ذاتها ، وهي جسر يوصل بين النفس وبين الناس عن طريق ترجمة ما في خواطرنا ، وهي التي تصنع لنا حياة طبيعية.
وتمارس اللغة سلطتها على صاحبها في تفكيره وحدوده ، وكأنّ لها يد خفية تعمل في طبقات اللاوعي حتّى تحقق ما يرنوا إليه الإنسان.
ولقد برع علماء الشيعة في تأسيس وتطوير علم النحو والعروض والبيان ، وقاموا بحلقة أُخرى من حفظ القرآن بعد تنقيطه وإعرابه.
ويعد علم النحو أوّل علم تأسس عند المسلمين عامّة وعند الشيعة خاصّة ، أخذه أبو الأسود الدؤلي عن الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وفي هذا يقول القفطي إنّ أوّل من وضع النحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال أبو الأسود : دخلت على أمير المؤمنين علي فرأيته مطرقا مفكراً ، فقلت : فيم تفكّر يا أمير المؤمنين ؟ فقال : سمعت ببلدكم لحناً ، فأردت أن أضع كتاباً في أصول اللغة العربية ، ثمّ أتيته بعد أيام ، فألقي إليّ صحيفة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، الكلام : اسم وفعل وحرف (١).
_______________
(١) القفطي ، إنباه الرواة على أنباء النحاة ، ١ / ٤.