النحوي الكوفي ، قرأ عليه الكسائي ، وروى عنه ، وصنّف في النحو كثيراً ، وكان يتشيّع (١).
وقد كان الفراء خاتماً لمدرسة الكسائي ، وبه ختم الجيل الأوّل من النحاة ، والفراء هو : أبو زكريا يحيى بن زياد الديلمي ، وكان أعلم أهل الكوفة باللغة ، بل هو بحر فيها ، وسمّي أمير المؤمنين في النحو ، وإلى جانب هذا ، فهو فقيه ، وخبير بالطب ، وحاذق في أيام العرب ، وأشعارهم ، وأخبارهم ، حتّى وصفه ثمامة بن الأشرس ، فقال : (فرأيت أبهة أديب فجلست إليه فناقشته عن اللغة فوجدته بحراً ، وناقشته عن النحو فشاهدته نسيج وحده ، وعن الفقه فوجدته رجلاً فقيهاً عارفاً باختلاف القوم ، وبالنجوم ماهراً ، وبالطب خبيراً ، وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً ، فقلت له : من تكون ؟ وما أظنّك إلّا الفراء (٢).
وهكذا أنشأت مدرسة الكوفة على أيدي الشيعة من الرواسي فالكسائي والفراء ، ثمّ استقرّت على يد الفراء الذي قام بجمع اللغة وضبطها.
وكانت هناك مدرستين شهيرتين ، في النحو هما : مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة ، وكان أبو علي الفارسي أوّل من خلط بين آراء المدرستين ، فانتخب منهما مدرسة ثالثة أكثر وضوحاً وفق ما يراه ، وبه
_______________
(١) ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٤ / ٢٠٥.
(٢) ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٥ / ٢٢٥.