هذا ، ويعدّ تنقيط المصحف من الأعمال الخطيرة والمهمة لحفظ كتاب الله تعالى من العبث واللحن وإحاطته بسياج يمنع اللحن فيه (١). من يريد أن يتحرر ويحافظ على ثقافته من العبث فعليه أن يقوّم اعوجاج لغته ، فاللغة مرآة للعقل ، وأداة للفكر ، ولقد بلغت عناية الشيعة باللغة حتّى أنّ البصرة كانت تعجّ بالشيوخ والطلّاب للعربية ، وبلغت أوج نهضتها في ما بين سنة ١٠٠ هـ و ١٦٠ هـ حينما وضع الخليل بن أحمد علم العروض ، والمعجم في اللغة ، وأصول النحو.
وفي الكوفة كان هناك رائد في هذا العلم هو أبو جعفر الرواسي الذي أسس مدرستها جنباً إلى جنب مع معاذ الهراء. وكان أشهر تلاميذها وأنجبهم الكسائي حيث تلقّى علوم النحو والعربية عن الرواسي ، ومعاذ الهراء.
وذكره السيوطي أبو جعفر ، فقال : هو أستاذ الكسائي ، وهو أوّل من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو وكان رجلا صالحاً ، وقيل : إنّ كل ما في كتاب سيبويه « وقال الكوفي كذا » إنّما عنى به الرواسي هذا ، وكتابه يقال له : « الفيصل » ، وكان له عمّ يقال له : معاذ بن مسلم الهراء ، وهو نحوي مشهور ، وهو أوّل من وضع علم التصريف (٢)، وكان معاذ الهراء صديقاً للكميت. يقول ابن خلكان : أمّا أبو مسلم معاذ بن مسلم الهراء
_______________
(١) شوقي ضيف ، المدارس النحوية ، ص ١٧.
(٢) السيوطي ، المزهر ، ٤ / ٣٠٥.