وليس هناك دليل على أنّ هذا العلم دُوّن من قِبل أحد قبل أبي الأسود الدؤلي ، وأنّ أبا الأسود نقله عن علي بن أبى طالب ، وبذلك فإنّ تدوين هذا العلم كان من جهة الشيعة ، وتتلمذ على يد أبي الأسود الدؤلي خلق كثير ، ويروى عن أبي عبيدة معمر بن المثنى أنّه قال : اختلف الناس إلى أبي الأسود الدؤلي يتعلّمون منه العربية فكان أبرع أصحابه عنبسة بن معدان المهري ، واختلف الناس إلى عنبسة فكان من أبرع أصحابه ميمون الأقرن (١).
وقد حصر الرواة من أخذ عن أبي الأسود : بـ (عنبسة بن معدان ، وميمون الأقرن ، ويحيى بن يعمر ، وقتادة بن دعامة السدوسي ، وعبد الرحمن بن هرمز ، ونصر بن عاصم ، وكل هؤلاء أخذوا عن أبي الأسود ، وتفاوتت مقاديرهم في العلم بهذا النوع من العربية) (٢).
ولم يقتصر عمل أبي الأسود على تأسيس علم النحو ومدرسة البصرة النحوية ، بل قام بتنقيط القرآن وإعرابه ، يقول السيوطي : وهو أوّل من نقّط المصحف. قال الجاحظ : أبو الأسود معدود في طبقات الناس ، وهو في كلها مقدّم ، ومأثور عنه في جميعها ، معدود في التابعين ، والفقهاء ، والمحدثين ، والشعراء ، والأشراف ، والفرسان ، والأمراء ، والنحاة ، والحاضري الجواب ، والشيعة (٣).
_______________
(١) ابن الأنباري ، نزهة الألباء ص ١٣.
(٢) القفطي ، إنباه الرواة ، ٢ / ٣٨٢.
(٣) السيوطي ، بغية الوعاة ، ٢ / ٢٢.