ولقد قال محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس في كلمته التي ألقاها لرجال الدعوة حينما أراد بثّهم في البلدان : وأمّا الكوفة وسوادها فهناك شيعة علي بن أبي طالب وولده وأمّا البصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكف ، وأمّا الجزيرة فحرورية مارقة ، وأمّا أهل مكة والمدينة فقد غلب عليهما أبو بكر وعمر ، ولكن عليكم بخراسان فإنّ هناك العدد الكثير ، والجلد الظاهر ، وهناك صدور سليمة ، وقلوب لم تتقسمها الأهواء ، ولم تتوزعها النحل ، ولم تشغلها ديانة (١).
بل إنّ قم مركز الإشعاع الشيعي في المنطقة والعالم الآن لم تمصر إلّا في سنة ٨٣ هـ ، ولم يدخلها التشيّع إلّا في تلك السنة على يد سعد بن مالك بن عامر الأشعري كما حكى الحموي (٢).
وقد روى البيهقي أنّ المأمون العباسي همّ بأن يكتب كتاباً في الطعن على معاوية ، فقال له يحيى بن أكثم : يا أمير المؤمنين ، العامّة لا تتحمّل هذا ولاسيّما أهل خراسان ، ولاتأمن أن يكون نفرة (٣). وبذلك ندرك أنّ خراسان كانت تتولّى معاوية حتّى أيام المأمون ، وأنّ سجستان وأصفهان وشاش وطوس كانت كلها ناصبة العداء لآل البيت العلوي أيام الخوارزمي وابن سبكتكين المتوفى سنة ٤٢١ هجرية.
_______________
(١) ابن قتيبة ، عيون الأخبار : ١ / ٢٠٤.
(٢) الحموي ، معجم البلدان ، ٧ / ١٦٠.
(٣) البيهقي ، المحاسن والمساوىء ، ١ / ١٠٨.