وأجلسه تحت منبره ، ثمّ بلغه عنه غلوه فيه فهمّ بقتله ، فنهاه ابن عباس عن ذلك وقال : إن قتلته اختلف عليك أصحابك ، وأنت عازم على قتال أهل الشام ، وتحتاج إلى مداراة أصحابك ، فلمّا خشي من قتله نفاه إلى المدائن. فافتتن به رعاع الناس بعد قتل علي رضياللهعنه ، وقال لهم ابن السوداء : والله لينبعن لعلي في مسجد الكوفة عينان تفيض إحداهما عسلاً والأخرى سمناً ، يغترف منهما شيعته.
وقال المحققون من أهل السنة : إنّ ابن السوداء كان على هوى دين اليهود ، وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده ; لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى عليهالسلام ، فانتسب إلى الرافضة السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر (١).
٥ ـ قال ابن حزم : من الفرق الغالية الذين يقولون بالألوهية لغير الله عزّ وجل أوّلهم فرقة من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله أتوا إلى علي بن أبي طالب ، فقالوا مشافهة : « أنت هو » ، فقال : « ومن هو » قالوا : « أنت الله » ، فاستعظم الأمر ، وأمر بنار فأججت ، وأحرقهم بالنار ، فجعلوا يقولون وهم يرمون في النار : « الآن صح عندنا أنّه الله تعالى ; لأنّه لا يعذّب ، بالنار إلّا رب النار » وفي ذلك يقول : لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوت قنبراً (٢).
_______________
(١) عبد القاهر البغدادي ، الفرق بين الفرق ، ص ٢٣٥ : ٢٣٣ ، باختصار.
(٢) ابن حزم ، الفصل في الملل والنحل ، ٤ / ١٤٢.