فلم يكن لمعاوية حجة يدافع بها عن نفسه كتلك التي نقرأها عن السبائية.
وبعد مضي أكثر من ثمانية عقود نجد نفس الاسم يذكره أبو العباس السفاح في خطبته بالكوفة لمّا بويع بالخلافة سنة ١٣٢ هـ حيث صعد المنبر وخطب وقال : الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه تكرمة وشرفه وعظمة ، ثمّ تلا آيات التطهير والمودّة وغيرها النازلة في حق أهل البيت عليهمالسلام قال : فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا ، وأوجب عليهم حقنا ومودّتنا ، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وفضلاً علينا والله ذو الفضل العظيم ، وزعمت السبائية الضلال أنّ غيرنا أحق بالرئاسة والسياسة والخلافة منّا فشاهت وجوههم (١).
فالسفاح لم يجد في كنانته من سهام يرمي بها السبائية غير أنّهم زعموا أنّ غيرهم أحق بالخلافة منهم ، ولو كانت سهام أهل الفرق عنده لضربهم من فوره وقال : وزعمت السبائية الضلال أنّ علي بن أبي طالب حلّت فيه جزء من الألوهية ، أو قال : مقالة مشابهة مما تحتويه كتب أهل المقالات ، لكنه لم يجد.
وكل ما سبق يدل على أنّ ما انتهينا إليه من أنّ لفظ « السبائية » لفظ كان يطلق على النبز السياسي من الحكّام لمن تولّى أهل البيت ، واستقر
_______________
(١) محمّد بن جرير الطبري مرجع سابق ، ٣ / ٣٩.