الغليظ ، كما عُرف بمعارضته المستمرّة للرسول (١). فكأن لسان حالهم يقول للمسلمين : لقد ولّى عهد محمّد بما فيه ، وأقبل عهدنا نحن لنُشرّع لكم من الدين ما نريد وما يعجبُنا ، فها أنتم أصبحتُم لنا عبيداً ، رغم أُنوفكم ورغم نبيّكم الذي فيه تعتقدون.
أليس هذا من قبيل ردّ الفعل والأخذ بالثّأر لتعود زعامة قريش بقيادة بني أُميّة الذين حاربوا الإسلام ونبيّ الإسلام؟
وإذا كان عمر بن الخطّاب يعمل على طمس السنن النبويّة ، ويسخر منها ويعارضُها حتى بحضور النبيّ نفسه ، فلا غرابة أن تُسلّم له قُريش قيادتها وتجعله زعيمها الأكبر ، لأنّه أصبح بعد ظهور الإسلام لسانَها الناطق وبطلها المعارض ، كما أصبح بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قوّتها الضاربة ، وأملها العريض في تحقيق أحلامها وطموحاتها للوصول إلى السلطة وإرجاع عادات الجاهلية التي يعشقونها وما زالوا يحنّون إليها.
وليس من قبيل الصدفة أن نجد عمر بن الخطّاب يخالف السنّة النبويّة في خلافته ، ويعمل على تأخير مقام إبراهيم عن البيت إلى ما كان عليه أيام الجاهلية.
فقد أخرج ابن سعد في طبقاته وغيره من المؤرّخين :
إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لما فتح مكّة ألْصقَ مقام إبراهيم بالبيت ، كما كان على عهد
__________________
١ ـ أخرج مسلم في صحيحه ٤ : ٥٩ باب ( إهلال النبيّ وهديه ) أنّ ابن عبّاس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر بن عبد الله : فعلناهما مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ نهانَا عنهما عمر فلم نعدلهما.