إنّ نظريّة العصمة مختلف فيها عند المسلمين ، وهي في الحقيقة العامل الوحيد الذي يفرض على المسلمين أن يتقبَّلوا أحكام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بدون نقاش ولا جدال ، إذا ما اعتقدوا في أنّه لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ، فلا يؤمنون بأنّ أقوال النبيّ وأحكامه إذا لم تكن قرآناً يتلى ، فهي مجرّد اجتهاد منه ، فإذا اعتقدوا هذا الاعتقاد ، وسلّموا بأنّ الأمر كلّه لله ، وليس النبيّ إلاّ واسطة للتبليغ والبيان فقط فهم شيعة ، وقد اشتهر كثير من الصحابة بهذا الاعتقاد ، وعلى رأس هؤلاء الإمام علي عليهالسلام الذي ما كان يغيِّر من سنّة النبيّ قليلا ولا كثيراً باعتبارها من وحي الله ، فلا يجوز استعمال الرأي والاجتهاد مقابل أحكام الله سبحانه وتعالى.
وأمّا إذا اعتقدوا أنّ النبيّ غير معصوم في أقواله وأفعاله ، والعصمة لا تختصّ إلاّ بالقرآن الكريم وما يتلى من آياته ، وما عدا ذلك فهو كسائر البشر يخطئ ويصيب ، أمّا إذا قالوا بهذا فإنّهم « أهل السنّة والجماعة » الذين يجوِّزون أن يجتهد الصحابة والعلماء مقابل أقوال وأحكام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بما يتماشى والمصلحة العامة طبقاً للظروف التي تقتضيها الحال ، حسب رأي الحاكم في كلّ زمان.
وإنّه غنيّ عن البيان بأنّ مدرسة الخلفاء الراشدين ( باستثناء الإمام علي ) قد اجتهدوا بآرائهم مقابل السنّة النبويّة ، ثمّ ذهبوا شوطاً أبعد فاجتهدوا