المقدّمة
الحمدُ لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آله الطيّبين الطّاهرين.
وبعد ، لقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مِدادُ العلماء أفضلُ عند الله من دماء الشهداء » (١) كان لزاماً على كلّ عالم أو كاتب أن يكتب للناس مَا يراه صالحاً لهدايتهم ، وإصلاح ذات بينهم ، وجمع كلمتهم ، واخراجهم من الظلمات إلى النور ؛ لأنّ الإنسان إذا ما استُشهد في سبيل الله ، وهي دعوة الحقّ من أجل إقامة العدل ، فقد لا يتأثَّر به إلاّ الذي حضره ، ولكنّ العالم الذي يُعلّم الناس ويكتب قد يتأثّر بعلمه كثير من القرّاء من أبناء جيله ، ويبقى كتابه مناراً للأجيال اللاحقة جيلا بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها ، فكلّ شيء تنقصه النفقة إلاّ العلم فإنّه يزكو بالإنفاق.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لَئِن يهدي الله بك رجلا واحداً خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس » أو « خير لك من الدنيا وما فيها » (٢).
فكم من كاتب تُوفّي منذ قرون عديدة ، وأصبحت عظامه رميماً ، ولكنّ
__________________
١ ـ في الأمالي للطوسي : ٥٢١ وغيره من المصادر بلفظ : « إذا كان يوم القيامة ، وُزن مداد العلماء بدماء الشهداء ، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء ».
٢ ـ بحار الأنوار ٣٢ : ٤٤٨ ، وفي مسند أحمد ٥ : ٣٣٣ بلفظ : « خير لك من أن يكون لك حمر النعم ».