إذا نظرنا إلى أفعال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقواله تجاه الصحابة ، نجده قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه ، فهو يغضب لله ويرضى لرضاه ، وكلّ صحابي خالف أمر الله سبحانه تبرّأ منه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما تبرّأ ممّا صنع خالد بن الوليد في قتله بني جذيمة ، وكما غضب على أُسامة عندما جاءه ليشفع للمرأة الشريفة التي سرقت ، فقال قولته المشهورة : « ويلك ، أتشفع في حدّ من حدود الله؟ والله لو سرقت فاطمة بنت محمّد لقطعت يدها ، إنّما أهلك من كان قبلكم ؛ لأنّهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الوضيع أقاموا عليه الحدّ » (١).
ونجده صلىاللهعليهوآلهوسلم أحياناً يبارك ويترضّى على بعض أصحابه المخلصين ، ويدعو لهم ويستغفر لهم ، كما نجده يلعن البعض منهم الذين يعصون أوامره ، ولا يقيمون لها وزناً أحياناً أُخرى ، مثل قوله : « لعن الله من تخلَّف عن جيش أُسامة » (٢) وذلك عندما طعنوا في تأميره ، ورفضوا الالتحاق بجيشه بحجّة أنّه صغير السنّ.
كما نجده صلىاللهعليهوآلهوسلم يوضّح للناس ولا يتركهم يغترّوا ببعض الصحابة المزيّفين ، فيقول في أحد المنافقين : « إنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من
__________________
١ ـ سنن النسائي ٨ : ٧٤ ، وكذلك في السنن الكبرى ٤ : ٣٣٤ ح٧٣٨٨.
٢ ـ الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٣.