يرى « أهل السنّة والجماعة » بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينصّ على أحد ، وترك الأمر شورى بين الناس ليختاروا من شاؤوا ، فهذه هي عقيدتهم في الخلافة ، وقد أطبقوا على ذلك من يوم وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى اليوم.
والمفروض أن يعمل « أهل السنّة والجماعة » بهذا المبدأ الذي يؤمنون به ، ويدافعون عنه بكلّ جهودهم ، غير أنّ البحث يوقفنا على أنّهم عملوا عكس ما يعتقدون ، وبقطع النظر عن بيعة أبي بكر التي سمّوها هم أنفسهم بأنّها فلتة وقى الله المسلمين شرّها ، فإنّ أبا بكر هو الذي اخترع فكرة ولاية العهد في الإسلام ، فعهد قبل وفاته بالخلافة لصاحبه عمر بن الخطّاب.
كما عهد عمر بن الخطّاب عند موته إلى عبد الرحمان بن عوف ، ليختار واحداً من الخمسة الذين رشّحهم ، ويأمره بضرب أعناق المخالفين الذين يشقّون عصا الطاعة.
ولمّا وصل معاوية للخلافة طبّق هذا المبدأ ( ولاية العهد ) خير تطبيق ، إذ عيّن وليّاً لعهده ابنه يزيد ، وعيّن يزيد وليّاً لعهده ابنه معاوية ، وبقيت الخلاقة من ذلك الوقت يتداولها الطلقاء وأبناؤهم جيلا بعد جيل ، فكلّ خليفة يعهد لولده أو أخيه أو أحد أقاربه ، كذلك فعل الخلفاء في الدولة العباسية منذ قيامها إلى أن تلاشت ، وكذلك فعل خلفاء الدولة العثمانية من قيامها إلى أن ولّى عصر الخلافة واضمحل في عهد كمال أتاتورك في القرن الحالي.