علي وأبي بكر فقط ، ولم يكن لأبيه عمر ولا لابن عفّان سوق رائجة في ذلك العهد؟
وهل من سائل يسأل ابن عمر : إذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرّك على رأيك ، فلا يعدل بأبي بكر أحداً ثمّ عمر ثمّ عثمان ، فلماذا ولّى عليهم قبل وفاته بيومين شابّاً لا نبات بعارضيه أصغر منك سنّاً ، وأمرهم بالسّير تحت امرته وقيادته؟ أتراه يهجُر كما قال أبُوك؟
وهل من سائل يسأل ابن عمر : لماذا قال المُهاجرون والأنصار غداة بيعة أبي بكر لفاطمة الزهراء : « والله لو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما كنّا نعدل به أحداً » (١) ، وهو اعتراف من كبار الصحابة بأنّهم لا يعدلون بعلي أحداً ، لولا ما سبقت بيعتهم التي سمّوها فلتةً ، فما هي قيمة رأي عبد الله بن عمر المراهق المغرور الذي لا يعرف كيف يطلّق زوجته من آراء كبار الصحابة؟
وأخيراً هل من سائل يسأل عبد الله بن عمر : لماذا اختار جلّ الصحابة علي بن أبي طالب للخلافة بعد مقتل عمر وقدّموه على عثمان ، لولا رفضه شرط ابن عوف في الحكم بسنّة الشيخين (٢).
ولكنّ عبد الله بن عمر تأثّر بأبيه ، فقد عاش خلافة أبي بكر ، وخلافة عمر وخلافة عثمان ، وهو يرى علي بن أبي طالب مُبعداً ، ليس له في الجماعة مجلسٌ ، ولا في الحكومة منصبٌ ، وقد تحوّلتْ عنه وجوه الناس
__________________
١ ـ الإمامة والسياسة ١ : ٢٩.
٢ ـ مسند أحمد ١ : ٧٥.