والجماعة » يسمّون أيضاً بـ « القدريّة » لقولهم بذلك (١).
والنتيجة هي أنّ « أهل السنّة والجماعة » يؤمنون بولاية العهد ويعتبرونها خلافة شرعيّة ، لا لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بها ، أو أنّه عيَّن ولياً لعهده ، فهم ينكرون ذلك أشدّ الإنكار ، ولكن لأنّ أبا بكر عهد إلى عمر ، وعمر عهد إلى الستّة ، ومعاوية عهد إلى يزيد ، وهكذا.
ولم يقل أحد من العلماء عندهم ، ولا أحد من أئمة المذاهب الأربعة ، بأنّ الحكم الأموي أو الحكم العباسي أو الخلافة العثمانية هي غير شرعيّة ، بل نراهم يسارعون إلى البيعة والتأييد وتصحيح خلافتهم ، بل ذهب أكثرهم للقول بشرعيّة الخلافة لكلّ من تغلَّب عليها بالقوّة والقهر ، ولا يهمهم إن كان براً أم فاجراً ، تقياً أم فاسقاً ، عربياً قرشياً أم تركياً وكردياً.
يقول الدكتور أحمد محمود صبحي في هذا الصدد : « موقف أهل السنّة
__________________
١ ـ لمّا كثر الكلام حول أفعال العباد وكيفيّة ارتباطها بالله تعالى وانشقّت الأُمة الإسلامية إلى جبرية وعدليّة ، حاولت كلّ فرقة إطلاق لقب « القدريّة » على الاُخرى ، لما له من الذمّ على لسان صاحب الشريعة صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكنّ الأوفق إطلاق لقب القدريّة على من قال بأنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، وذلك لأنّ الاسم إنّما يشتقّ من الشيء المثبت لذلك الشيء ، كما يسمّى من أثبت إلهاً ثانياً بالثنوي ، ومن أثبت جسماً لله تعالى بالمجسّم ، ولو اشتقّ اسم الشيء لنافيه لكان الموحّد ثنوياً والمنزه مجسمياً.
هذا بالاضافة إلى ما رواه السيّد ابن طاووس في الطرائف : ٣٤٤ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّه قال : « لعنت القدريّة على لسان سبعين نبياً « ، قيل : ومن القدريّة يا رسول الله؟ فقال : » قوم يزعمون أنّ الله قدّر عليهم المعاصي وعذّبهم عليها ».
فالمؤلّف يقصد هنا هذا المعنى من القدريّة المستلزم للجبر ، وهو ما عليه غالب أهل السنّة وإن حاولوا تنزيه أنفسهم من وصمة الجبر بنظرية الكسب.