أترى ربنا يبطل أعمالنا هذه الكثيرة ، وصلاتنا إلى قبلتنا لانا لانتبع محمدا صلىاللهعليهوآله على هواه في نفسه وأخيه؟ فأنزل الله تعالى يا محمد قل « ليس البر » والطاعة التي تنالون بها الجنان وتستحقون بها الغفران والرضوان « أن تولوا وجوهكم » بصلاتكم « قبل المشرق » يا أيها النصارى « و » قبل « المغرب » يا أيها اليهود وأنتم لامر الله مخالفون ، وعلى ولي الله مغتاظون « ولكن البر من آمن » أي برمن آمن أو ولكن البار أو ذا البر من آمن بالله (١).
١ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : على كل جزء من أجزائك زكاة واجبة لله عزوجل ، بل على كل شعرة ، بل على كل لحظة ، فزكاة العين النظر بالعبرة والغض عن الشهوات وما يضاهيها ، وزكاة الاذن استماع العلم والحكمة والقرآن وفوائد الدين من الحكمة والموعظة والنصيحة ، وما فيه نجاتك بالاعراض عما هوضده من الكذب والغيبة وأشباهها ، وزكاة اللسان النصح للمسلمين ، والتيقظ للغافلين ، وكثرة التسبيح والذكر وغيره ، وزكاة اليد البذل والعطاء و السخاء بما أنعم الله عليك به وتحريكها بكتبة العلوم ، ومنافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى ، والقبض عن الشرور ، وزكاة الرجل السعي في حقوق الله تعالى من زيارة الصالحين ، ومجالس الذكر ، وإصلاح الناس ، وصلة الرحم ، والجهاد وما فيه صلاح قلبك وسلامة دينك.
هذا مما يحتمل القلوب فهمه ، والنفوس استعماله ، وما لايشرف عليه إلا عباده المقربون المخلصون أكثر من أن يحصى ، وهم أربابه وهو شعارهم دون غيرهم (٢).
بيان : قوله : « بكتبة العلوم » يدل على شرافة كتابة القرآن المجيد و الادعية وكتب الاحاديث المأثورة وسائر الكتب المؤلفة في العلوم الدينية ، وبالجملة كل ماله مدخل في علوم الدين ، والمراد بمجالس الذكر ما انعقد على وفق
__________________
(١) تفسير الامام : ٢٧١.
(٢) مصباح الشريعة : ١٧ ـ ١٨.