فبقوله تعالى ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (١٠) ، ولأنّه دفع لمضرة التتوّق.
الوجه الثاني : هو مباح قبل الشرع ، فيجب أن يكون مباحا بعده عملا باستصحاب الأصل.
الثالث تحريم الوطء المشار إليه مع إباحة الوطء فيما عدا القبل مثل السرّة والفخذين ممّا لا يجتمعان ، والثابت الإباحة هنا فتثبت هناك. وانّما قلنا : إنّهما لا يجتمعان ، لأنّ الاستماع بالزوجة فيما عدا القبل إمّا أن يكون سائغا وإما أن لا يكون ، وأيّهما كان لزم في الموضعين.
فان قيل : لا نسلّم أنّهما لا يجتمعان. قوله : إمّا أن يكون الاستمتاع بما عدا القبل سائغا وإمّا أن لا يكون؟ قلنا : يكون. قوله : فيلزم في الموضعين. قلنا : متى يلزم إذا ساغ لكونه استمتاعا ، أم لكونه استمتاعا فيما عدا الدبر؟ الأوّل ممنوع ، والثاني مسلّم ، وحينئذ لا يلزم من جواز الاستمتاع هناك جواز الاستمتاع هنا.
ثمّ نقول : ما المانع أن لا يكون الاستمتاع بما عدا القبل سائغا. قوله : يلزم أن لا يكون الوطء في السرة مثلا سائغا. قلنا : لا نسلّم ، وهذا لأن التحليل هنا ليس معلّلا بكونه استمتاعا ، بل لوجود الدلالة الدالّة على جوازه ولا يلزم من وجود الدلالة في الموضع المعيّن وجود حكمها في الآخر.
ثمّ نقول : الفرق بين الصورتين ظاهر ، وهذا وطء الدبر يشتمل على تفاحش ليس موجودا في غيره ، فكما يجوز أن يكون الحكم مستندا إلى الاستمتاع يحتمل أن يكون الحكم مستندا إلى الاستمتاع الخالي من ذلك التفاحش فلا يلزم من ثبوت الحكم ثمّ ثبوته هنا.
ثمّ نقول : ما ذكرتموه من الأدلّة العقليّة حاصلها يرجع إلى التمسّك
__________________
(١٠) سورة المائدة : ٤ ، ٥.