كان معيّنا فالإنسان يجد من نفسه أنّه مخيّر بين حركته يمنة ويسرة وإن كان غير معيّن فما وجه قولهم : إنّ مقدور القدر (٦) لا يجوز عليه التقديم والتأخير.
الجواب :
هذا سؤال يتوقّف وضوحه على شيئين :
أحدهما معنى قولهم : أنّ القدرة لا تتعلّق في الوقت الواحد والمحلّ الواحد من الجنس الواحد إلّا بمقدور واحد وبيان معنى التعلّق.
والثاني جواب الإشكال الذي أورده.
أمّا بيان الأوّل فهو أنّه قد تقرّر في مذهبهم أنّ القدرة علّة في كون القادر قادرا ، وأنّ معنى تعلّقها أنّ لها مع المقدور حكما وهو صحّة إيجاده بها عند استعمال محلّها فيه. إذا عرف هذا المعنى فقولهم : إنّها لا تتعلّق على ما ذكروه من الشروط إلّا بجزء واحد ، أي لا يصحّ أن يفعل بها مع تلك الشروط إلّا جزء واحد. واستدلّوا على ذلك بوجوه أقواها عندهم : أنّها لو تعدّت الواحد لتعلّقت بما لا يتناهى ، ولو تعلّقت بما لا يتناهى للزم نفي التفاضل بين القادرين حتّى يتساوى القويّ والضعيف وللزم صحّة ممانعة القادر لنفسه (٧) فلا يكون مراد الله تعالى بالوقوع أولى من مراد الواحد منّا.
وأمّا الإشكال الذي أورده فالجواب عنه أن نقول : نعم هو معيّن.
__________________
الجنس الواحد في المحلّ الواحد بأكثر من جزء واحد ..
(٦) كذا.
(٧) قال الشيخ الطوسي ره في تمهيد الأصول ص ١٤٨ : ولو كان مقدور القدرة ـ والجنس والمحل والوقت واحد ـ غير متناه لأدّى إلى أن لا يتعذّر على أحدنا حمل الجبال ، بل حمل السماوات والأرضين ، وأن لا يتفاضل القادرون ، وكان يصحّ منه أن يمانع القديم القادر لنفسه ..