معلوما من اللفظ فإنّه محتمل ، لأنّ بقاءه على التطهير نوع من إصلاح فلم يتمكّن من الإفساد.
قوله في الوجه الاعتباري : للبئر اتّصال يمنع تأثير النجاسة في المجتمع كالمحقون المتّصل بالجاري. قلنا : هذا الاتّصال لم يتحقّق كيفيّته فلعلّه رشحان يتخلّل مسامة الأرض فلا يكون كالجاري المتّصل بالواقف ، ولا يكفي مشاهدته في البئر جاريا لأنّ المتخلّل في الأرض لا يعلم أنّه كذلك ، فلعلّه يجتمع عند فم المخرج ، على أنّه إذا حاذى المجاري وقف الجميع ، فتؤثّر فيه النجاسة. ولو قال : نّما يؤثّر النجاسة لو كان قليلا ، قلنا : إن حكم بنجاسته مع قلّته حكم مع الكثرة لأنّه لا قائل هنا (١٤) بالفرق في البئر.
قوله في الوجه الثاني : الماء الكثير يقهر النجاسة كما في المحقون ، قلنا :
مقتضى الدليل نجاسة الموضعين عملا بالدليل الدالّ على نجاسة الماء إذا لاقته النجاسة ، فاستثناء الكرّ المحقون يكون على خلاف مقتضى الدليل ، فلا يلحق به غيره ، لأنّه تكثير لمخالفة الدليل.
ويؤيّد نجاسة البئر نقل الفريقين من الجمهور والإماميّة الفتوى عن السلف بوجوب نزح البئر النابعة.
وأمّا ما خرّجه الشيخ رحمهالله فإنّه قصد الجمع بين الحديثين المذكورين والأحاديث الدالّة على وجوب النزح ، ونحن فقد بيّنا ضعف الحديثين ، وقصور دلالتها فبقيت الأحاديث الموجبة للنزح سليمة عمّا يدلّ على خلافها.
ولو استدلّ الخصم بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه كان يتطهّر من بئر بضاعة (١٥) وفيها العذرة والنجاسات (١٦) ، لكان ضعيفا ، فان ذلك مما لا يثبت
__________________
(١٤) في بعض النسخ : لا قائل منّا.
(١٥) في الأصل : قضاعة ، والصحيح ما أثبتناه. قال في معجم البلدان : بضاعة بالضمّ وقد كسره بعضهم ، والأوّل أكثر وهي دار بني ساعدة بالمدينة ، وبئرها معروف. فيها أفتى النبيّ صلىاللهعليهوآله بأنّ الماء طهور ما لم يتغير ..
(١٦) راجع السنن الكبرى للبيهقي ١ ـ ٢٥٧.