وأمّا الاحتجاج بنزح البئر فقويّ ، غير أنّه يمكن اختصاص هذا الحكم بالبئر لضرب من التعبّد غير معلوم العلّة ، ويصار إليه تبعا للروايات الموجبة للنزح ، فإن صحّت تلك الروايات فقد تحقّق الفرق وإلّا منعنا الحكم بالنزح.
ولو قال : نحن نعلم من الشرع أنّه لا يوجب نزحا بملاقاة لا يؤثّر في الماء منعا ، قلنا : نمنع هذه الدعوى ونطالب بحجّتها.
وقد استدلّ شيخنا أبو جعفر رحمهالله على المنع من استعمال ماء الغسل في الخلاف (٢٠) بأنّه ماء لا يقطع بجواز استعماله في الطهارة فلا يتيقّن معه رفع الحدث.
والجواب لا نسلّم أنّه لا يقطع بطهارته ، لأنّ كلّ دليل على جواز استعماله قبل الاغتسال دالّ بعمومه أو إطلاقه على جوازه بعده ، لدخوله تحت اسم الماء المطلق بما بينّاه ، وتخصيص ذلك بخبر الواحد القويّ السند غير جائز فكيف بضعيفه.
وهذا القدر الذي ذكرناه هو ما اتّفق على الخاطر من غير إغراق في البحث ، ولا تأنّ في النظر ، بحيث يشعب الاعتراضات ويستقصي الإيرادات ، وفيه مقنع للمستبصر إن شاء الله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
__________________
(٢٠) قال في الخلاف كتاب الطهارة المسألة ١٢٦ : الماء المستعمل في الوضوء عندنا طاهر مطهّر وكذلك ما يستعمل في الأغسال الطاهرة بلا خلاف بين أصحابنا ، والمستعمل في غسل الجنابة أكثر أصحابنا قالوا : لا يجوز استعماله في رفع الحدث وقال المرتضى : يجوز ذلك وهو طاهر مطهّر. ولم أجد ما نقله المصنّف في الخلاف المطبوع فراجع الخلاف ١ ـ ١٧٢ و ١٩٨.