عوّل عليها.
وهذا المتأخّر أيضا ناقش شيخنا أبا جعفر رحمهالله في الفرق بين ماء الغسل وماء الوضوء ، وقال : إن كان هذا مضافا فماء الوضوء كذلك ، وإن كان مستعملا فماء الوضوء مستعمل وإن كان ماء الوضوء منزّلا فماء الغسل كذلك (١٦).
والمناقشة لا ترد ، فإنّ الشيخ رحمهالله لم يمنع من الجنابة بشيء من العلل التي ذكرها فيلزمه التسوية ، بل منع تبعا للرواية المشهورة المقرونة بعمل جماعة من الفضلاء ، فالفرق نشأ من الفتوى والرواية لا من حيث ذكر ، كما فرّق هو والجماعة بين استيطان الجنب في المسجد والمحدث ، وكما فرّق هو بين الارتماس في البئر ووضوء المحدث.
ثمّ نقول لم أوجب النزح سبعا ، فإن ادّعى الإجماع عرفناه أنّ كلّ من قال بالنزح من فضلائنا رأيناه يمنع من استعمال ماء الجنب كالشيخين وابن بابويه ، أمّا علم الهدى رحمهالله فإنّه لما رفع به الحدث لم يذكره في المنزوحات ، فإن كان ذلك إجماعا فهذا مثله. وإن استدلّ بالرواية على وجوب النزح وادّعى تواترها أريناه أنّها عن اثنين أو ثلاثة ومثلها لا يكون متواترا ، وهو يمنع العمل بخبر الواحد ، فما حجّته في النزح ، مع القول بجواز استعماله في غير البئر.
رجعنا إلى الجواب فنقول : الجواب عن خبر ابن سنان ، الطعن في سنده ، فإنّ في طريقه ابن فضّال (١٧) عن أحمد بن هلال (١٨) وهما ضعيفان (١٩) ، فلا يرجع إلى خبرهما عمّا دلّت عليه الظواهر القطعيّة من الآيات والأحاديث الصحيحة الصريحة ، وأمّا بقيّة الأخبار فغير دالّة على موضع النزاع بل فيها احتمال لغيره.
__________________
(١٦) السرائر ١ ـ ٦١ ، وقوله : منزّلا أي منزّلا من السماء طهورا. راجع السرائر.
(١٧) أي الحسن بن علي بن فضال.
(١٨) العبرتائي.
(١٩) راجع تنقيح المقال ١ ـ ٩٩ و ٢٩٧.