دليلاً على مجيء المولى بمعنى الأولى فإن المراد فيهما ليس ذلك بقرينة قوله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : ألست أولى ، وقوله : أولى بهم .
( ومنها ) إن المولى لو كان بمعنى الأولى لجاز استعمال كل منهما مكان الآخر فكان يصح قول القائل : هذا مولى يزيد بدل قوله : أولى يزيد ، أو أولى زيد بدل قوله : مولى زيد ، ومن المعلوم عدم صحة ذلك ( والجواب عنه ) إن المراد من كون المولى بمعنى الأولى هو كونه بمعنى الأولى به بانضمام حرف الجر ، ومن المعلوم جواز استعمال كل منهما مكان الآخر فتقول : هذا مولى زيد أي أولى بزيد ، أو نقول : هذا أولى بزيد أي مولى زيد ، نعم كلمة الأولى به تارة تستعمل ويراد منها الأولى به من نفسه كما تقدم في قوله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأخرى تستعمل ويراد منها الأولى به من غيره ، كما في قوله تعالى : ( أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) أي أحق الناس وأحراهم به للذين اتبعوه ، أو في قوله أولى الناس بالميت أولاهم بميراثه ، أي أحقهم وأحراهم به أحقهم وأحراهم بميراثه ، ففي الأول يعتبر العلو والمقام الشامخ ، وفي الثاني لا يعتبر ذلك بل يطلق على المساوي والأدنى أيضاً .
( ومنها ) أنه لو حملنا المولى في قوله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : من
كنت مولاه فعليٌ مولاه على الأولى بهم من أنفسهم ولم نحمله على الناصر أو المحب أو نحو ذلك فيستلزم ذلك المفسدة العظيمة والوصمة الفظيعة والثلمة المتفاقمة في جل أصحاب رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم من المهاجرين والأنصار ( والجواب عنه ) إن خطأ الأصحاب جلهم في أمر مخصوص ليس أمراً غير معقول . ، ودعوى إجماع الأمة على بيعة أبي بكر وأنه قال النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : إن امتي لا تجتمع على الخطأ ممنوعة صغرى وكبرى ، أما الصغرى فلعدم تحقق الإِجماع كما ستعرف في الجملة من كلام ابن قتيبة ، وتفصيله موكول إلى مراجعة التواريخ المفصلة ، وأما الكبرى فلأنه ليس هو حديثاً متسالماً عليه عند الفريقين جميعاً أي السنة والشيعة كي يصح الاستدلال به عند المناظرة ، بل هو حديث موضوع قد وضعه الواضع لتصحيح ما ارتكبه