جل
الصحابة بعد النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وقد وقع في أمة موسى عليه السلام في زمان حياته قبل مماته ما هو أعظم مما وقع في أمتنا بعد وفاة نبينا صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، فإن موسى عليه السلام بعد ما دعا قومه إلى التوحيد زمناً طويلاً بيد بيضاء وعصا تفلق البحر وتلقف ما صنعه الساحرون ، وبنحو ذلك من الآيات والبينات وآمنوا بالله وعبدوه ووحدوه غاب عنهم زمناً يسيراً للمناجاة مع ربه وخلف فيهم هارون وهو أخو موسى عليه السلام وشريكه في النبوة بمقتضى قوله تعالى : (
وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا )
وقد أمرهم بطاعته وملازمته ، فلما غاب عنهم أجمعوا ـ إلا القليل منهم ـ على مخافة هارون وكادوا يقتلوه فتركوه واتخذوا العجل وعبدوه وأشركوا بالله عز وجل وأضلهم السامري ، فإذا جاز أن تجتمع أمة موسى على اتخاذ العجل والشرك بالله عز وجل وترك هارون بعدما كادوا يقتلونه جاز أيضاً خطأ جل الصحابة في اتخاذهم ابا بكر خليفة وتركهم علياً عليه السلام وصي النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم بعد ما كادوا يقتلونه على ما ذكره ابن قتيبة في الإِمامة والسياسة
في قصة بيعة علي عليه السلام ، قال : وإن أبا بكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي عليه السلام فبعث اليهم عمر فجاء فناداهم ـ وهم في دار علي عليه السلام ـ فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة ( فقال : وإن ) فخرجوا فبايعوا إلا علياً ( إلى أن قال ) فأتى عمر أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ ( إلى أن قال ) ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة سلام الله عليها فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا أبة يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ، فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تتصدع ، وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا علياً ، فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع فقال : إن لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذاً والله الذي لا
إله إلا هو نضرب عنقك ، قال : إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله ، قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا ، وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له