عمر : ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال : لا أكرهه بشيء ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي عليه السلام بقبر رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم يصيح ويبكي وينادي : ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ( الخ ) .
( أقول ) وكأن عمر بن الخطاب قد نسي مواخاه النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم بين أصحابه وأنه آخى بين نفسه وبين علي بن أبي طالب عليه السلام كما عرفت تفصيلها في باب : عليّ أخو النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، فأنكر ذلك بعد موت النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم والعهد قريب وقال : أما عبد الله فنعم وأما أخو رسوله فلا ، وعلى كل حال إذا جاز أن تجتمع أمة موسى عليه السلام على اتخاذ العجل والشرك بالله بعدما رأوا الآيات والبينات ، وعلى ترك هارون بعدما كادوا يقتلونه جاز خطأ جل الصحابة في اتخاذهم أبا بكر وتركهم علياً عليه السلام بعدما كادوا يقتلونه بطريق أولى ، ووجه الأولوية أن من عدلوا عنه وهو علي عليه السلام بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم كان دون هارون في القرب النسبي بالنسبة الى موسى عليه السلام ، كيف لا وهارون كان أخاً لموسى عليه السلام في نسبه وشريكاً في أمره ونبوته كما ذكرنا ، وعلي عليه السلام كان ابن عم النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم في نسبه وكان خليفته في امته لا شريكاً في نبوته ، كما أن من عدلوا اليه وهو ابو بكر كان فوق العجل الذي اتخذه قوم موسى عليه السلام كيف لا والعجل كان جسداً له خوار كما في القرآن الكريم ، وأبو بكر كان بشراً له روح يتكلم ويخطب ، هذا مضافاً إلى أن امة موسى عليه السلام قد اتخذوا العجل إلهاً يعبد ، وجُل الصحابة قد اتخذوا أبا بكر خليفة يطاع لا شريكاً مع الله عز وجل وإن لم يكن ذلك أقل من الشرك بكثير ، فهذه وجوه متعددة لجواز خطأ جل الصحابة في اتخاذهم أبا بكر وتركهم علياً عليه السلام بطريق أولى .
( وبالجملة ) إن المتأمل في المقام لا يرى أن ما ارتكبه جل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ بعدما نص على إمامة علي عليه السلام ـ أمراً غريباً بعيداً عن الذهن بعدما وقع نظيره في قوم موسى عليه السلام من تركهم هارون مع أنه قد نص عليه ، لا سيما إذا لوحظ ما ورد من النصوص