الكثيرة من النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم المشيرة كلها إلى ما ارتكبه اصحابه من بعده إشارة واضحة جلية كادت تكون نصاً لا إشارة ، حيث أخبرهم بإرتداد أناس من أصحابه على أعقابهم بعد أن يفارقهم ، وأنهم يحدثون من بعده ما يحدثون ، إذ من المعلوم أنه لم يصدر من أصحابه من بعده شيء سوى أنهم قد تركوا النص وراء ظهورهم وفارقوا علياً عليه السلام لدواعي شتى ، مثل حداثة سنه كما صرح به أبو عبيدة بن الجراح لعلي عليه السلام ـ على ما ذكره ابن قتيبة في الإِمامة والسياسة في إباء علي عليه السلام بيعة أبي بكر ـ أو لاجتماع فضائل كثيرة فيه ومناقب جمة فحسده الناس عليها ، مثل كونه أول من أسلم وصلى ، أو كونه ممن باهل به النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم بل جعله الله في كتابه نفس النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فقال : وأنفسنا ، أو كونه ممن نزلت فيه آية التطهير ، أو من ورد فيه حديث المنزلة ، أو حديث الراية يوم خيبر ، أو حديث الطير المشوي ، أو حديث المواخاة ، أو سد أبواب المسجد إلا بابه ، إلى غير ذلك مما يوجب صيرورته محسوداً للناس إلا القليل ممن هداه الله وثبته ، أو لكونه خشناً في دين الله شجاعاً في الحروب قد قتل صناديد العرب وأبطالهم فلم يقم الدين إلا بسيفه . فعاداه العرب ففي زمان النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم لم يمكنهم أن ينالوه بسوء ، فلما توفي النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم اغتنموا الفرصة وأعانوا في انتزاع الأمر من يده إلى غير ذلك من الدواعي .
( وأما )
نصوص ارتداد اناس من الصحابة من بعد النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فهذه بعض طرقها نقتصر على ذكر ما رواه أرباب الصحاح دون غيرهم ، فروى البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق في باب قول الله تعالى : ( وَاتَّخَذَ اللَّـهُ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ) بسنده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قال : إنكم محشورون حفاة عراة عزلاً ثم قرأ : ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )
وأول من يكسى يوم القيامة ابراهيم ، وإن اناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي