فليت شعري إذا فرض حكم العقل على وجه القطع بشيء كيف يجوز حصول القطع أو الظنّ من الدليل النقلي على خلافه!؟ وكذا لو فرض حصول القطع من الدليل النقلي كيف يجوز حكم العقل بخلافه على وجه القطع!؟.
وممّن وافقهما على ذلك في الجملة المحدّث البحراني في مقدّمات الحدائق (١) ، حيث نقل كلاماً للسّيد المتقدّم واستحسنه » (٢). إلى آخره ، انتهى ما أردنا نقله من كلامه الشريف.
وظاهرٌ أنّ مورد كلام السيّد الجزائري ، والمحدّث البحراني ، ما ذكره المحدّث الأسترآبادي ، فإن ظهر من كلماته في الفوائد المدنيّة : انّ مراده ممّا نفاه من حجيّة إدراكات العقل هو الإدراك الظنّي والاستنباطات الظنّية في نفس الأحكام الشرعية ، يكون مرادهما أيضاً ذلك ، فلا أصل لهذه النسبة (٣) ، ولا محل لما أورد عليهم ، واستغرب منهم.
فنقول : في كلماته في الفوائد مواضع عديدة يستفاد منها ما ذكرنا :
الأول : المواضع الساقطة من العبارة المنقولة ، فإنّه قال : الدليل التاسع مبني على مقدمة وساق كما نقله قدسسره إلى قوله ـ : ومن المعلوم عند اولي الألباب امتناع وضع قاعدة تكفل بذلك ، قال : « وممّا يوضح ما ذكرنا من جهة النقل : الأحاديث المتواترة معنىً الناطقة بأنّ الله أخذ ضغثاً (٤) من
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ١٢٦ ١٣٢ ، المقدّمة العاشرة.
(٢) فرائد الأُصول ١ : ١٥ ١٧.
(٣) أي ما نسبه الشيخ الأنصاري قدسسره إليهم من إنكارهم حجية القطع الحاصل من العقل.
(٤) قال الفراء : الضغث ما جمعته من شيء ، لسان العرب ٢ : ١٦٤ (ضغث)