الحقّ ، وضغثاً من الباطل ، فمغثهما (١) ، ثم أخرجهما إلى الناس ، ثم بعث أنبياء يفرّقون بينهما ، ففرّقهما الأنبياء والأوصياء ، فبعث الله الأنبياء ليفرّقوا ذلك ، وجعل الأنبياء قبل الأوصياء ليعلم الناس من يفضّل الله ومن يختص ، ولو كان الحق على حدّه ، والباطل على حدّه ، كل واحد منهما قائم بشأنه ، ما احتاج الناس إلى نبيّ ولا إلى وصيّ ، ولكنّ الله خلطهما وجعل تفريقهما إلى الأنبياء والأئمة عليهمالسلام من عباده.
وممّا يوضحه من جهة العقل ما في الشرح العضدي للمختصر الحاجبي حيث قال في مقام ذكر الضروريات القطعية :
« منها المشاهدات الباطنية ، وهي : ما لا يفتقر إلى عقل كالجوع والألم.
ومنها الأوليات : وهي ما تحصل بمجرّد العقل ، كعلمك بوجودك ، وأنّ النقيضين يصدق أحدهما.
ومنها المحسوسات : وهي ما يحصل بالحس.
ومنها التجربيّات : وهي ما تحصل بالعادة ، كإسهال المسهل والإسكار.
ومنها المتواترات (٢) : وهي ما تحصل بالإخبار تواتراً ، كبغداد ومكّة.
وحيث قال في مقام ذكر الضروريات الظنيّة : أنّها أنواع :
الحدسيات : كما نشاهد نور القمر يزداد وينقص بقربه وبعده من الشمس ، فنظنّ أنه مستفاد منها.
__________________
(١) المغث : الضرب ليس بالشديد ، وأصله المرس والدلك بالأصابع. انظر لسان العرب ٢ : ١٩١ (مغث)
(٢) بالطبع هناك اختلاف بين أرباب الفن في هذه التقسيمات.