وإنّي وإن لم أُدرك من أتعلّم منه من هذا الفنّ الشريف باباً ، ولم أجد في طول عمري من أقرأ عليه ممّا صُنّف فيه كتاباً ، لكن الله تعالى بمنّه وجوده حبّب إليّ في عنفوان الشباب النظر إلى كتب الأحاديث ، فصرفت فضول أوقاتي فيه ، فإنّي لم أترك الحضور عند المشايخ العظام ، والفقهاء الكرام (رضوان الله عليهم) مذ صرت قابلاً للحضور عندهم ، والتلقّي عنهم ، والاستفادة منهم ، ولكنّي في خلال ذلك كنت أتجسّس في خلال تلك الديار ، حتى صرت بحمد الله تعالى من أهل الدار.
وحيث انجرّ الكلام إلى هذا المقام ، فلا بأس بشرح حالي على الإجمال ، تأسّياً بالعالم الجليل في الوسائل ، إلاّ أنّه لحسن ظنّه بنفسه أدرج نفسه في باب الميم ، في الفائدة الأخيرة ، في ذكر الثقات والممدوحين (١).
فنقول : ولدت في ثامن عشر شهر شوّال من سنة أربع وخمسين بعد المائتين والألف ، في قرية بالو من قرى نور ، إحدى كِوَر طبرستان ، وتوفّي والدي العلاّمة (أعلى الله تعالى مقامه) وقد شرحت بعض أحواله ومقاماته ومؤلّفاته في كتابنا الموسوم بدار السلام ـ (٢) وأنا ابن ثمان سنين ، فبقيت سنين لا أحد يربّيني ، إلى أن بلغت أوان الحلم ، فأنعم الله تعالى عليّ بملازمة العالم الجليل ، الفقيه النبيه ، الزاهد الورع النبيل ، المولى محمّد علي المحلاّتي (قدس الله تعالى روحه الزكية) (٣) وكان عالماً ، زاهداً ،
__________________
(١) راجع الوسائل ٢٠ : ٣٢٤ / ٢١.
(٢) دار السلام ٢ : ٢٨٥.
(٣) في الحجرية زيادة : ابن الورع الزاهد آقا زين العابدين بن المبرور موسى رضا المحلاتي.