الكبير (١) ، ولعمري إنّ جلّ ما حداهم على هذا ما استفاض بينهم : من أنّه إذا تعارض الدليلان العقلي والنقلي وجب تأويل الثاني أو طرحه ، إن لم يمكن التأويل.
وقد ضقت بهذه المسألة ذرعاً ، حتى ظهر لي بفضل الله أنّ هذا لا يتمشّى إلاّ فيما إذا كانت مقدّماته بديهية ، أو ما إذا كانت مقدّماته مأخوذة من الدليل النقلي ، أمّا في غيرها فلا ينبغي لعاقل فضلاً عن فاضل أن يرتاب في بطلان ما اشتهر ، بل يجب عليه أن يجزم بعكسه ؛ لأنّها عند التحقيق لا تفيد إلاّ ظنا (٢). إلى آخره.
وممّا يؤيد ما ذكرنا أنّ الشيخ الأجلّ الحرّ العاملي الذي هو أصلب في الأخبارية من المحدّث الجزائري صرّح في الوسائل بحجيّة حكم العقل إذا كان قطعياً ، فقال في الفائدة الثامنة في ذكر القرائن التي تقترن بالخبر ، ممّا يدل على ثبوته عنهم عليهمالسلام أو على صحّة مضمونة ما لفظه : ومنها موافقته لدليل عقلي قطعي ، وهو راجع إلى موافقة النصّ المتواتر ، لأنّه لا ينفكّ منه أصلاً (٣).
وقال في كتاب الجهاد ؛ باب وجوب طاعة العقل ومخالفة الجهل (٤). وساق جملة من الأخبار المعروفة ، التي منها : « أنّ لله على الناس حجّتين : حجّة ظاهرة وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء
__________________
(١) وهو شرح كبير للصحيفة السجادية ، وهو غير شرحه الآخر المسمّى بنور الأنوار والذي يكون ملخصاً للشرح الكبير هذا ، راجع الذريعة ١٣ : ٣٥٨.
(٢) نور الأنوار (شرح الصحيفة)
(٣) وسائل الشيعة ٢٠ : ٩٥.
(٤) وسائل الشيعة ١١ : ١٦٠ باب ٨.