بالنّعل.
وإن أرادوا عدم جواز الخوض في المطالب العقليّة لتحصيل المطالب الشرعية لكثرة وقوع الغلط والاشتباه فيها ، فلو سُلِّم ذلك ، وأُغمض عن المعارضة لكثرة ما يحصل من الخطأ في فهم المطالب من الأدلة الشرعية فله وجه ، وحينئذٍ فلو خاض فيها ، وحصّل القطع بما لا يوافق الحكم الواقعيّ لم يُعذَر في ذلك ، لتقصيره في مقدمات التحصيل ، إلاّ أن الشأن في ثبوت كثرة الخطأ أزيد ممّا يقع في فهم المطالب من الأدلّة الشرعية.
وقد عثرتُ بعد ما ذكرت هذا على كلام يُحكى عن المحدّث الأسترآباديّ في فوائده المدنيّة ، قال في عداد ما استدلّ به على انحصار الدليل في غير الضروريات الدينيّة بالسماع عن الصادقين عليهمالسلام ، قال :
« الدليل التاسع : مبني على مقدمة دقيقة شريفة ، تفطّنتُ لها بتوفيق الله تعالى ، وهي أنّ العلوم النظرية قسمان :
قسم ينتهي إلى مادّة هي قريبة من الإحساس ، ومن هذا القسم علم الهندسة ، والحساب ، وأكثر أبواب المنطق ، وهذا القسم لا يقع فيه الخلاف بين العلماء والخطأ في نتائج الأفكار ، والسبب في ذلك أنّ الخطأ في الفكر إمّا من جهة الصورة أو من جهة المادة ، والخطأ من جهة الصورة لا يقع من العلماء ، لأنّ معرفة الصورة من الأُمور الواضحة عند الأذهان المستقيمة ، والخطأ من جهة المادة لا يتصور في هذه العلوم ، لقرب المواد من الإحساس.
وقسم ينتهي إلى مادّة هي بعيدة عن الإحساس ، ومن هذا القسم