ولما رواه الشيخ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم ، عن الباقر عليهالسلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليهالسلام أن لا تحمل على العاقلة إلاّ الموضحة فصاعداً » (١).
وهذه الرواية هي التي أشار إليها المصنّف (٢) بقوله : فيها ضعف ، فإنّ في طريقها : ابن فضّال ، فإن كان الحسن فقد قيل : إنّه فطحي المذهب (٣).
وأمّا في المختلف فجعله في الموثّق (٤) ، ثم لمّا قرأت عليه التهذيب في المرّة الثانية في طريق الحجاز في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة سألته عن هذه الرواية لمّا بلغت إليها ، وقلت له : إنّك حكمت عليها في المختلف : أنّها من الموثّق ، وفي القواعد (٥) قلت : إنّ فيها ضعف؟ فقال لي : بل هي ضعيفة (٦) ، انتهى.
وعلى ذلك جرت سيرتهم ، ومضى ديدنهم قديماً وحديثاً ، فإنّهم على اختلاف مشاربهم وطريقتهم في كثير من الأُمور أُصولاً وفروعاً اتّفقوا على الاهتمام في البحث عن الأحاديث تدريساً وتعلّماً ، وقراءةً وسماعاً ، خصوصاً ما تضمّنته الكتب الأربعة الشريفة ، وكانوا يقرءون أحدها على المشايخ ، أو يملي عليهم ، ويتكلّمون في سندها ، ويبحثون في متنها ، ويستخرجون منها كنوز المعاني ، سواء تعلّق بالأُصول أو الفروع أو
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١٠ : ١٧٠ / ٦٦٩.
(٢) أيّ : العلاّمة الحلّي ، مصنّف كتاب قواعد الأحكام.
(٣) انظر رجال النجاشي : ٣٤ / ٧٢.
(٤) مختلف الشيعة : ٧٨٧.
(٥) قواعد الأحكام ٢ : ٣٤٤.
(٦) إيضاح الفوائد ٤ : ٧٤٧.