بعض ، والتطفيف إلى بعض ما يوجد في بعض كتب الفروع ، من غير سبر السند برجاله ، والبحث عن كلّ رجل وحقيقة حاله ، فإنّه إهمال ، وعن الحقّ إغفال ، وربّما انكشف عن الكذب حال ، وانكسف البال ، وانقطع المقال (١). انتهى كلامه الشريف.
قلت : ولو راجعوا الأُصول أحياناً فإنّما يتفحّصون لِما راموا إثباته أو نفيه من الفروع من غير تدبّر وبحث عن سائر ما تضمّنه الخبر من الفوائد ، وهذا ليس بحثاً في فن الحديث ، بل يشترط في الغائص في بحاره أن لا يكون له مقصد يتجسّس بتحصيل ما يثبته أو ينفيه ، وإنّما يدخل فيه فارغاً ذهنه عن كلّ مقصود ، طالباً لما تضمّنه الخبر من الفوائد الشريفة ، والنكات اللطيفة ، والأسرار الخفيّة ، بقدر استعداده ووسعه ، بعد البحث عن سنده ، وحال رواته بقدر اطّلاعه وخبرته ، ثم يضع كلّ فائدة في محلّها ، أُصولاً أو فروعاً أو أخلاقاً.
ولنِعْمَ ما قال بعض العلماء : إنّ مسألة الاستصحاب مسألة شريفة ، لها فوائد كثيرة ، قد توجّه أنظار العلماء إليها ، وعكفت همهم عليها ، فكُتب فيها رسائل عديدة فيها فوائد جمّة ، إذا حقّقت النظر وجدت كلّها شرح حديث واحد ، تراكم عليه الأفكار ، وترادف إليها الأنظار ، فاستخرجوا منه هذه الفوائد الكثيرة ، والقواعد المتينة ، وكم لهذا الحديث من نظائر لا تحصى ، لو فعلوا بها ما فعلوا به لوجدوا منها ما حصلوا منه.
وقال العلاّمة الطباطبائي (طاب ثراه) في الدرّة ، في بحث ما يجوز
__________________
(١) كشف اللثام ٢ : ٥٣٥.